
كان الذكاء الاصطناعي قبلاً في النصف الأول من القرن العشرين جزءاً من الخيال العلمي، بينما صار يستخدم اليوم في الحياة اليومية، وفي كافة المجالات، وعلى نطاقٍ واسع، ممّا يدلّ على تطوُره بسرعة مذهلة وعلى أن مستقبله سيكون واعداً ومليئاً بالمفاجات إذ سيؤدي إلى تحوُّلات جذرية في مختلف القطاعات ويُعزز الكفاءة والإنتاجية ويفتح آفاقاً جديدة للإبداع والابتكار.
أن مستقبل الذكاء الاصطناعي واعد ومليء بالمفاجآت، وخصوصاً أن تطوره لم يهدأ على مدى الفترة الماضية وفي هذا الإطار تكثر التنبؤات حول تأثيراته الإيجابية على حياة البشر و يكثر الحديث مؤخراً عن مستقبل الذكاء الاصطناعي وتأثيراته على مختلف قطاعات الحياة، وفي الوقت ذاته يهتم الباحثون بالاتجاهات الحالية لفهم ما يمكن أن يخفيه المستقبل
ويشهد العالم تحولاً رقمياً هائلاً يدفعه إلى التطور، وعند الحديث عن أهمية الذكاء الاصطناعي بشكل عام لا بد لنا أن نتحدث بشكل خاص عن دوره في تطوير الصناعات على اختلافها، حيث تتجاوز أهمية الذكاء الاصطناعي مجرد أتمتة المهام، فهو يمثل قفزة نوعية في كيفية إدارة الشركات وتلبية احتياجات العملاء حيث تظهر في الوقت الحالي نماذج ذكاء اصطناعي قادرة على تنفيذ مهام متعددة، إذ تجمع بين معالجة اللغة الطبيعية ومهام الرؤية الحاسوبية وغيرها من التقنيات الأخرى. ويتمثل التأثير على المجتمع والفرد لتلك الأدوات الجديدة في تسهيل إنجاز المهام وتسريعها بدون الحاجة إلى التبديل بين الأدوات واختيارها والعمل عليها وتدرك الحكومات والمؤسسات أهمية تطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي ونشرها لتحقيق الريادة، إلا أن هذا الهدف يرتبط بتخطي عقبات عدة أبرزها ضعف الثقة الناجمة عن عدم معرفة كيفية توقع نماذج التعلم العميق للمخرجات، والقدرة على دفع التكلفة الباهظة لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي، ومحدودية معرفة الشركات الصغيرة والمتوسطة بإمكانيات الذكاء الاصطناعي، وما يمكن أن يقدمه إليها من فوائد و يرجح انتشار النماذج التوليدية المتعددة الوسائط، ولا سيّما في ظل تعدد تطبيقاتها التجارية الواعدة إذ تتيح تطوير مساعدين افتراضيين يمكنهم الاستجابة بدقة للاستفسارات المعقَّدة، وروبوتات متقدمة لخدمة العملاء قادرة على تفسير العواطف والنيات، إلى جانب أدوات تعليمية مبتكرة، وتجارب ترفيهية غامرة، وتحسين إمكانية الوصول إلى المستخدمين من أصحاب الهمم وعلى سبيل المثال ظهور روبوتات الدرشة التى انتشرت بشكل كبير جدا وجربها ملابين المستخدمين ومع استمرار الذكاء الاصطناعي في إثارة التحديات أمام الأمن السيبراني، إلى جانب إثارة مخاطر تتعلق بالخصوصية، وقد يفرض ذلك على المؤسسات التي تستخدم أنظمة الذكاء الاصطناعي العمل على تفاديها، وإدارة الإشكاليات التي ترافقها حيث تأتي أهمية متابعة تطور الذكاء الاصطناعي انطلاقًا من إمكانية اقترانه بتكنولوجيات الكم، التي يمكنها تقديم قيمة كبيرة، بالرغم من أنها قد تمهد أيضًا لمخاطر جديدة. ومع بداية انتشار الذكاء الاصطناعي الكمي، يرجَّح أن تكون الصناعات ذات المتطلبات العالية في مجال معالجة البيانات أكثر المستفيدين منه و
ستحتاج المؤسسات مستقبلًا إلى امتلاك استراتيجية للذكاء الاصطناعي الكمِّي، ومراقبة التكنولوجيات المتقدمة، ومتابعة تطوراتها من كثب، والبدء ببعض الأعمال التجريبية والبحثية فيها، حتى وإن كان ذلك لأغراض اكتساب المهارات والمعرفة فقط، وقد يصبح هذا التصور مطلبًا أساسيًّا في كل مؤسسة تقريبًا و سيشهد أيضاً مستقبل الذكاء الاصطناعي اعتماداً متزايداً من قِبل الشركات والمؤسسات وحتى الدول؛ لتحقيق أهدافها، وتعزيز إمكانياتها؛ من خلال تبنّي خططٍ تنموية لدمج الذكاء الاصطناعي في القطاعات المختلفة بشكل عام يمكن القول إن الذكاء الاصطناعي سيؤدي إلى تغييرات جذرية في سوق العمل في المستقبل، وستحتاج الشركات والمؤسسات والأفراد إلى التأقلم مع هذه التحولات، والعمل على تطوير المهارات والموارد اللازمة للاستفادة من المزايا التي يوفرها الذكاء الاصطناعي، والتغلب على التحديات التي يواجهها.
ومن المرجح أن يصبح تشخيص الأمراض وعلاجها أكثر سهولة ودقة بعد استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في الطب من خلال تحليل البيانات الطبية الضخمة واكتشاف العلاقات فيما بينها بطريقة مذهلة وتحديد المشكلات الصحية والعلاجات المناسبة لها ومراقبة تأثير هذه العلاجات في المرضى، وتعديلها وفقاً لحالتهم من خلال مساعدِي التمريض الافتراضيِّين كما ستؤدّي البرامج الذكية والأجهزة القابلة للارتداء كالساعات الذكية دوراً فعّالاً في تتبّع البيانات الصحية وتقديم النصائح في ما يتعلّق بالنظام الغذائي والنشاط البدني والتعامل مع الأمراض المزمنة ودقة إجراء العمليات الجراحية وستقل نسبة الأخطاء والمخاطر فيها بشكلٍ واضح بسبب استخدام الروبوتات الجراحية المخصصة لذلك على نطاق واسع وفى مجال تعزيز التعلّم والتعليم نرى ان مستقبل الذكاء الاصطناعي في التعليم واعد ويشمل العديد من الاستخدامات المبتكرة والتحوّلات المذهلة في عملية التعلم والتدريس إذ سيكون له دور فعّال في تسهيل إدارة المهام التعليمية الخاصّة بالمعلِّمين بما في ذلك تقييم الطلاب وتحليل بياناتهم وفهم احتياجاتهم ومستوياتهم الفردية بشكلٍ أفضل واقتراح أساليب ومواد تعليمية مُخصَّصة لكل منهم وكذلك رفع جودة التعليم وجعله أكثر تفاعلية وفائدة من خلال توفير بيئات تعليمية ذكية تعتمد على الروبوتات و الميتاقيرس وبالرغم من المزايا العديدة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي، إلا أنه يواجه تحديات أخلاقية كبيرة، وخصوصًا فيما يتعلق بالخصوصية والأمان والتمييز. وستحتاج المؤسسات والحكومات إلى وضع إطار أخلاقي وقانوني يحفظ حقوق الأفراد ويحميهم من التمييز والانحرافات وما زال الخوف من ارتفاع معدل البطالة على مستوى العالم أحد الاعتبارات الأخلاقية التي يجب التفكير فيها ومع تطور تقنيات التكنولوجيا الذكية بسرعة، تتضاعف الحاجة إلى إيجاد الحلول قبل أن تخرج الأمور عن السيطرة وتصبح الوظائف من نصيب الروبوتات فقط فأن جميع المستخدمين يفكرون فى مختلف أنحاء العالم يمكن أن يفقدوا وظائفهم بسبب التشغيل الآلي خاصة الوظائف التي يمكن تنفيذ مهامّها بالتكنولوجيا والأنظمة الآلية كالمهام السكرتارية على سبيل المثال ولكن من ناحيةٍ أخرى يتوقع زيادة الطلب على المُتخصِّصين في مجالات التكنولوجيا المختلفة كالتعلُّم الآلي وأمن المعلومات كما يمكن للشركات استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لتعزيز مهارات موظّفيها وإبداعاتهم في العمل لا لتكون بديلاً لهم تماماً اما معيار امن المعلومات فايعتبر الأمان هو العنصر الأكثر أهمية فيما يخص القرارات الأخلاقية وخاصة أن التطبيقات الذكية مستخدمة بمختلف أشكالها في المنازل والشركات والمكاتب وفي كل مكان بحاجة للتكنولوجيا و نتيجة لذلك التهديد الأمني للذكاء الاصطناعي له تأثير واسع النطاق في حال حدوثه، وبالتالي إن الأنظمة الذكية ليست آمنة للاستخدام بشكل عام لأنها قد تتعرض إلى هجمات أمنية ضارة بهدف التدمير والسرقة وغيرها ويبقى مستقبل الذكاء الاصطناعي موضع اهتمام ملايين البشر ابتداءً من المواطنين العاديين ووصولاَ إلى كبار القادة حول العالم، فالجميع يترقب الجديد وينتظر ملاحظة التغييرات على أرض الواقع يبقى طرح الأسئلة السابقة هو السبيل الوحيد أمام حلول الذكاء الاصطناعي لتحقيق استخدام أخلاقي، لذلك ينبغي أن تتضافر جهود الشركات والمستثمرين والحكومات والمنظمات الدولية والمجتمع المدني لمناقشة الأفكار ووضع المعايير القانونية و تغيب الشفافية عن حلول الذكاء الاصطناعي بشكل كامل منذ ظهورها حتى هذه اللحظة إنها تعمل بدون وضع الية محددة للقوانين واسس ثابتة ويتطلَّب الذكاء الاصطناعي جمع كميات كبيرة من البيانات العامة لتحليلها واستخدامها في التطبيقات والنماذج المختلفة الخاصة به وبما أنّ الذكاء الاصطناعي في تقدم وتطوّرٍ مُستمِرفهو بحاجة إلى المزيد من البيانات أيضاً وهذا كلّه يُهدد خصوصية أصحابها وأمانهم كما يثير بعض المخاوف حول إمكانيةِ استخدامها لأغراضٍ غير مشروعة أو التجسّس على الآخرين وانتهاك خصوصيتهم و مع زيادة الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي، ستكون هناك إيجابيات وفوائد عِدَّة بالتأكيد، إلّا أنّه لا بُدّ من مواجهة بعض التحديات أيضاً؛ بالتخطيط لمستقبل الذكاء الاصطناعي بعنايةٍ، ووضع سياساتٍ وقيودٍ واضحة تضمن استخدامه بشكلٍ مسؤولٍ وأخلاقيّ، ممّا يُمكِّن فعلاً من الاستفادة منه بأكبر قدرٍ ممكن، وتفادي مخاطره وسلبياته المحتملة.